-A +A
عاموس هرئيل *
حصلت المستوطنات في الضفة الغربية على نطاقات حكم بلدي بمساحة كبيرة جداً، ولكنها تقلل من استخدامها: فقط 9 في المائة من مجمل نقاطات الحكم البلدي للمستوطنات مبنية، وفقط في 12 في المائة أخرى جرى استخدام ما لها. هكذا مثلاً تبلغ مساحة نطاق الحكم البلدي في مستوطنة معاليه ادوميم 48 ألف دونم، أقل بقليل من تل أبيب (51.449 دونماً). غير أن عدد السكان في تل أبيب أكبر بـ12 ضعفاً: 385 ألف نسمة مقابل 32 ألفاً في معاليه ادوميم. هذه التفاصيل تظهر في تقرير جديد لحركة السلام الآن يستند إلى معطيات الإدارة المدنية في الضفة وينشر لأول مرة في «هآرتس».
وبحسب حركة «السلام الآن» فإن المعطيات تعكس سياسة إسرائيلية متبعة منذ سنين طويلة في المناطق الفلسطينية، والتي تتعاون فيها الدولة مع ميل التوسع للمستوطنات: فمن جهة، يتم الإعلان عن مناطق حكم بلدي عديمة التوازن للمستوطنات الإسرائيلية لمنع البناء الفلسطيني في داخلها، ومن جهة أخرى من اللحظة التي يكون فيها نطاق الحكم البلدي مغلقاً في وجه الفلسطينيين، يوجه المستوطنون جهودهم في اتجاهات أخرى- ويستولون على أراض مجاورة ليست في نطاق الحكم البلدي وفي أحيان كثيرة تكون بملكية فلسطينية خاصة.

وجاء في التقرير أن إسرائيل تخرج في سياستها هذه عن التزاماتها في اتفاقات أوسلو. ففي المادة 7 من الفصل الأخير في اتفاق أوسلو، في العام 1994 ورد ألا يتخذ أي طرف من طرفي الاتفاق خطوات أحادية الجانب لتغيير الوضع على الأرض، قبل استكمال المفاوضات على المكانة الدائمة للضفة والقطاع، أما علمياً، فقد علقت المفاوضات كما هو معروف ولكن قبل ذلك اتبعت إسرائيل سياسة منهجية لتوسيع نطاق الحكم البلدي.
وتتعارض الأمور أيضاً مع التصريحات الرسمية لحكومات إسرائيل -بما فيها تصريحات رئيس الحكومة ايهود اولمرت في ختام قمته مع عبدالله الثاني ملك الأردن في أيار هذا العام والتي جاء فيها أن «البناء في المستوطنات يجري فقط داخل خطوط المخطط الهيكلي المقر».
ويحصي تقرير «السلام الآن» 164 مستوطنة، موقعاً استيطانياً ومنطقة صناعية في الضفة (بعض المواقع الاستيطانية الإضافية أدرج لغرض البحث في المستوطنات الأكبر، التي توجد في نطاقها). وبالنسبة لـ92 في المائة منها جرى توسيع نطاقات الحكم البلدي أو أعيد تحديدها من جديد بعد اتفاق أوسلو في 1993م.
وحسب معدي التقرير، فإن إسرائيل تقوم باستخدام مضلل وانتهازي لمفهوم «نطاق الحكم البلدي» كي تسمح للمستوطنات بنمو غير محدود تقريباً، وسد الطريق بذلك على البناء الفلسطيني في هذه المناطق، والذي يصبح على الفور غير قانوني.
تُعتبر مستوطنة معاليه ادوميم مثالاً بارزاً لأنه في تحديد نطاق الحكم البلدي الواسع فيها جرت محاولة لخلق منطقة فصل إسرائيلية بين قرى فسطينية في شمال الضفة وجنوبها.
المساحة الواسعة للمستوطنات بالقياس إلى عدد سكانها تعبر عنه مستوطنة ريحان في منطقة جنين التي تبلغ مساحتها 13.442 دونماً لـ150 من السكان؛ في مستوطنة آسبر شرقي بيت لحم التي تقع على 12.094 دونماً، لـ258 من السكان، وفي مستوطنة حينانيت قرب جنين، مساحتها 9.401 دونم لـ760 نسمة.
توسيع نطاق الحكم البلدي بارز على نحو خاص في مستوطنات صغيرة في غور الأردن وفي صحراء يهودا (جنوب الضفة).. ففي كيبوتس متسبيه شليم مثلاً يسكن 180 نسمة، يحتفظ في نطاق الحكم البلدي بمساحة تشبه مساحة بيتح تكفا: 35.408 دونمات. في كيبوتس كاليا على شاطئ البحر الميت 271 نسمة، مع نطاق حكم بلدي بمساحة 25.304 دونمات، غالباً ما يتم البناء خارج نطاق الحكم البلدي، والذي يعد بناء غير قانوني، بتدخل مباشر أو بتشجيع من الدولة -وهذا الأمر وجد تعبيراً له بشكل خاص في إقامة المواقع الاستيطانية.
وثمة طريقة أخرى للخروج عن المساحة وذلك من خلال التسييج، فلاحة الأرض أو إقامة مواقع استيطانية، 148 من أصل 164 مستوطنة في التقرير تخرج عن نطاق الحكم البلدي فيها ومنها 21 مستوطنة وموقع استيطاني (في قائمة تضم أيضاً منطقة صناعية واحدة، قرب كدوميم) ليس فيها نطاق حكم بلدي على الإطلاق.
أبرز حالات الخروج عن النطاق توجد في منطقتين أقيمت فيهما مواقع استيطانية عديدة: المجلسين الإقليميين السامرة (منطقة نابلس) وبنيامين (منطقة رام الله)، معظم حالات الخروج سجلت في المستوطنات الدينية ذات الخلفية الأيديولوجية (أي بقدر أقل في مستوطنات «جودة الحياة» المحاذية للخط الأخضر).
وقال معد تقرير حركة «السلام الآن» إن «المنطق الذي يحكم الطريقة التي يستخدمها المستوطنون والدولة واضح. فالإدارة المدنية على أي حال تمنع البناء الفلسطيني في نطاق الحكم البلدي للمستوطنات. وبالمقابل، لا يكاد يكون هناك فرض للقانون ضد مستوطنين يبنون بدون وجه قانوني، ولا يوجد هدم عملياً لمثل هذا البناء».
* صحفي إسرائيلي- عن الإنترنت بالإنجليزية